MIX

علماء عرب ومسلمون مجهولون غيّروا وجه العالم بإنجازاتهم

رغم تجاهل كتب التاريخ لهم، إلا أن إنجازاتهم كانت الأساس لكثير من تطورات العصر الحديث.

لطالما كانت حضارة الشعوب تُقاس بإسهاماتها العلمية والثقافية التي تترك بصمة واضحة في سجل الإنسانية. وبالرغم من أن كثيرًا من إنجازات العرب والمسلمين قد أضاءت دروب العلم والمعرفة، إلا أن بعض العلماء بقيت أسماؤهم طيّ النسيان، رغم اختراعاتهم التي ساهمت في تشكيل عالمنا الحديث.

في هذا المقال، نسلّط الضوء على ثلاثة من هؤلاء الروّاد الذين صنعوا التاريخ وسبقوا عصرهم، لكن لم ينالوا حقهم من التقدير والاهتمام.


لاغاري حسن تشلبي: أول رجل صاروخ في التاريخ

في أوائل القرن السابع عشر، وتحديدًا عام 1633، فاجأ العالم العثماني لاغاري حسن تشلبي الجميع بتجربة لا تُصدق: صعوده في السماء بصاروخ يعمل بالبارود! نعم، في زمن لم تكن فيه مفاهيم الطيران معروفة، قرر تشلبي أن يتحدى المستحيل.

حسب ما وثّقه الرحالة العثماني الشهير أوليا جلبي في كتابه “سياحة نامة”، فقد أطلق تشلبي نفسه على متن صاروخ طوله سبعة أذرع، يحتوي على خمسين أوقية من معجون البارود، وانطلق من قصر السلطان مباشرة أمام أعين الجميع.

وروى جلبي أن تشلبي خاطب السلطان قبل الإقلاع قائلاً: “مولاي، أستودعك الله، أنا ذاهب للتحدث مع النبي عيسى عليه السلام!”، ثم طار إلى ارتفاع يُقدّر بـ300 متر، وعند نفاد الوقود، فتح أجنحة كالتي يستخدمها الطيارون اليوم وهبط بأمان في البحر.

رغم أن الحدث لم يُوثق على نطاق واسع، إلا أن باحثين حديثين – مثل مدير متحف الطيران النرويجي موريتز روفافيك – أشاروا إلى هذه التجربة في تصريحات صحفية، مؤكدين أن تشلبي كان رائدًا في استخدام الدفع النفاث.


حسن كامل الصباح: أديسون العرب وعبقري الطاقة الشمسية

وُلد العالم اللبناني حسن كامل الصباح في مدينة النبطية عام 1895، وكان منذ صغره مولعًا بالكهرباء والاختراعات. ورغم ظروفه الصعبة، شقّ طريقه إلى الولايات المتحدة ليُكمل دراسته، وهناك لمع نجمه كمخترع عبقري في شركة جنرال إلكتريك، التي خصصت له فريقًا خاصًا للعمل على أبحاث الطاقة.

لقّبته الصحف الأمريكية بـ”أديسون الشرق”، وقد تجاوزت اختراعاته الـ150 اختراعًا بين مستقل ومشترك. أحد أبرز إنجازاته كان اختراعه لجهاز يُحوّل الطاقة الشمسية إلى كهرباء مباشرة، وهو ما يُعرف اليوم بالطاقة النظيفة، إذ تنبأ بإمكانية إنتاج مئات الميجاوات من الكهرباء عبر تغطية مساحة صغيرة من الأرض بالخلايا الشمسية.

رغم محاولاته لنقل هذه التقنية إلى الوطن العربي، إلا أن وفاته المفاجئة في حادث غامض عام 1935 وضعت حدًا لأحلامه. وقد أثارت تلك الوفاة الشكوك، خصوصًا أنه كان يخطط لتجربة المشروع في “الربع الخالي” بالسعودية.

الصباح لم يكن مجرد مخترع، بل كان رائدًا حقيقيًا في مجال الإلكترونيات والطاقة، وصاحب فضل في كثير من التطبيقات التي نستخدمها اليوم، مثل التلفاز والراديو ومحركات الطائرات.


ابن زهر الإشبيلي: الطبيب الذي سبق أوروبا بقرون

في القرن الحادي عشر الميلادي، ظهر في الأندلس طبيب عبقري اسمه ابن زهر الإشبيلي، وُلد عام 1072، وكان من أعظم الأطباء الذين أنجبتهم الحضارة الإسلامية. يُلقّب بـ”أعظم طبيب بعد جالينوس”، وقد تجاوز الكثير من أسلافه في دقة التشخيص والتجربة.

تميّز ابن زهر بجرأته العلمية، إذ كان أول من وصف بدقة أمراضًا مثل سرطان المريء والمعدة، والتهاب التامور، والجرب، وكان يعتمد على التجربة العملية، حتى إنه أجرى تجاربه الجراحية على الحيوانات قبل أن يطبّقها على البشر – وهي نفس الطريقة التي تُتبع اليوم في الأبحاث الطبية.

من أبرز إسهاماته:

  • أول من تحدّث عن استخدام المواد المخدّرة لعلاج أمراض العيون.

  • شرّح عملية استئصال حصى الكلى والقصبة الهوائية بدقة مذهلة.

  • كتب موسوعات طبية تُرجمت إلى اللاتينية والعبرية، وبقيت مرجعًا أساسيًا في أوروبا حتى القرن 18.

كان علم ابن زهر متقدمًا على عصره بمئات السنين، وكان يُدرك أهمية الوقاية، وأهمية تنظيم الغذاء والبيئة المحيطة في العلاج.


ختامًا

من صاروخ تشلبي إلى خلايا الصباح الشمسية ووصفات ابن زهر الطبية، يظهر جليًا أن للعرب والمسلمين دورًا محوريًا في تطور البشرية. هؤلاء العلماء – رغم تهميشهم في كثير من كتب التاريخ الحديثة – هم لبنات حقيقية في بناء الحضارة الإنسانية، ويستحقون أن تُعاد سيرهم إلى الواجهة، ويُحتفى بإبداعهم كما يليق بهم.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *